مع بداية ظهور تنظيم داعش في الوسط العسكري في سوريّا واستقطابه للمقاتلين باستخدامه الدين كوسيلة لذلك بدأ العديد من أصحاب النفوس الضعيفة يبايعون التنظيم على السمع والطاعة.
عند لقاء القارئ ببعض الأهالي في ريف حلب الشرقي ومدينة الرقة وسماعه للنقاش الذي يدور فيما بينهم سيدرك تماماً أنّ العناصر الذين انضمّوا لداعش من نفس المدينة بدأوا يصفّون حسابات قديمة مع معارفهم خاصّة بعد أن أصبح لديه سلطة قويّة ضمن التنظيم.

دعايات

أظهرت مقاطع فيديو عديدة بثّها إعلاميو داعش في وقت سابق كيف يتمّ تطبيق القصاص على عناصر قد أخطأوا بحقّ المدنيين ويعتبر البعض ذلك كإعلان لتبيض صفحة التنظيم أمام مرأى الأهالي في المناطق السوريّة المسيطرين عليها، إذ يقول البعض أنّ هذه الأفعال ليست إلّا صورة يروّج التنظيم من خلالها لعدالته المطلقة في تطبيق الحدود والقصاص من المسيئين.
لكن أثبتت قصصٌ كثيرة عدم عدالة التنظيم في معاملة الأهالي بسبب إرادة من يسمّونهم الأنصار الذين بايعوا المهاجرين فور سيطرتهم على ريف حلب الشرقي والرقة.
يقول الشاب علي (اسم وهمي): "في إحدى الأيّام طُرق باب منزلي وأنا لم أكن موجوداً فيه فأخبرتني زوجتي فيما بعد بأنّ دوريّة تابعة لداعش أتت تسأل عنّي، وبعد البحث في الأمر عرفت أنّني مطلوب لهم للتحقيق في موضوع سيّارة أملكها وادّعوا أنّها كانت تعمل لخدمة الجيش الحر في المدينة فيما هي سيّارتي الخاصّة وأوراقها تثبت ذلك".
ويضيف: "بقيت أكثر من أسبوع وأنا أبحث وراء القصّة حتّى عرفت أنّ الذي أثار الموضوع شخص يعرفني وقام بذلك لأنّه تقدّم للزواج من أختي أكثر من مرّة ولم تقبل أختي بذلك".
قصص كثيرة أخرى مخبّأة في جعبة الأهالي تدلّ على إساءة استخدام السلطة لدوافع شخصيّة من قبل الأنصار بغية الإضرار بمن يكنّون له العداء من قبل ولادة داعش.

أنصار داعش وشهاداتهم العلميّة

يدرك الجميع أنّ سبب نجاح تنظيم داعش في فرض سيطرته على مساحات شاسعة من الأراضي السوريّة ليس إلّا لخبرة القيادات العسكريّة وتخطيطهم المخابراتي في اقتحام المناطق المحررة، لكن النقطة الأساسيّة التي حسبت لهم هي التعامل القاسي مع الأسرى والإعدام ذبحاً وقطع الأيادي والرؤوس والأرجل!
أمّا فيما يخص الكفاءات العلميّة التي يحملها العناصر المنطوون تحت ظل التنظيم فهي درجات علميّة لا تخوّلهم ممارسة سلطاتهم واختصاصاتهم التي تمّ منجهم إيّاها من قبل الأمير. ففي مدينة منبج يقول الأهالي أنّ المسؤول عن الملف العقاري لا يحمل شهادة إعدادية، أمّا القاضي الشرعي فهو طالب حقوق في السنة الثانية من دراسته، في حين أحد المسؤولين الأمنيين كان يشتغل ببيع الخبز في مركز السوق بالكاد يعرف القراءة والكتابة.
يقول صهيب أحد أبناء مدينة منبج: "الطريقة التي يتعامل بها العاملون في الشرطة الإسلاميّة والدائرة القضائيّة التابعة لإمارة داعش في منبج هي طريقة همجيّة ولا تستند لأي مصادر علميّة، فالحكم النهائي ممكن أن يصدر في نفس اليوم في قضية كبيرة وممكن أن يطول شهوراً عديدة في قضيّة صغيرة".
يجمع المهتمّون على أنّ تنظيم داعش لن يستمر في حكم المناطق التابعة له فترة طويلة بسبب الفوضى وتسليم المناصب على حساب المحبة ودرجة المقربة من الأمير، في حين يعيش غالبية المهاجرون حياتهم الاعتياديّة مع عائلاتهم في المنازل التي استولوا عليها!